كان يراقبها من بعيد فقط بعد الفراش من المرآة التي تقف أمامها لتتزين وهي تضع المسكرة حول جفونها بدقة ثم تضعها جانبا لتلتقط الكونسيلير لتداري بلونه الأبيض الهالات السوداء التي بدأت تسكن أسفل عينيها وخاصة بعدما نزفت أثناء ولادتها آخر طفل.
بدت سيدة جميلة ولكنها متقدمة في السن رغم أنها وصلت الأربعين للتو.. من ملامحها بدت مرهقة وغير سعيدة أما هو فقد كانت تملؤه الحيوية والشباب. وهو يتفحص فعلها وطقوسها استشاط غيظا, ولم يستطع أن يسكت فسألها بانفعال نهلة.. هل ستظلين هكذا لاتفعلين شيئا غير التزين؟ فنظرت إليه وحبست ابتسامة هاربة.. عملت بنصيحة والدتها بألا تنسي أنها أنثي وأنها يجب أن تهتم بشكلها حتي لايهملها زوجها ويذهب إلي امرأة أخري فالرجال ليس لهم أمان. فهو يتشاجر معها علي أتفه الأسباب ويراها قبيحة وخاصة عندما ترد غضبه وتدافع عن نفسها ويعيرها متهكما إيش تعمل الماشطة في الوجه العكر كانت تستغرب مقولاته وتتساءل كيف يتفوه بهذه الألفاظ وهو الشخص المثقف الذي درس الفلسفة ويترجم أمهات الكتب في الفكر التنويري ولكنها كانت تصبر لأنها بالفعل تحبه وعندما حذرها الأطباء من الانفصال نظرا لخطورته علي نفسية وأعصاب ابنتهما التي تعاني الصرع الليلي والاضطراب السلوكي رضيت أن تستمر رغم عنفه وسوء معاملته لها.
هو لم يحبها مطلقا هو أراد أن يتزوج لأنه حان وقت الزواج ولم يعد هناك وقت يضيعه وخاصة بعدما تركته خطيبته لسبب غير واضح فقد اعترف لها ذات مرة إنه شعر بالملل والضجر من الارتباط بهذه المرأة التي لاتعشق غير التقبيل.
ماجد يكبر نهلة بسنوات قليلة ويعيرها مع ذلك بأنه أنقذها من العنوسة وفي لحظات أخري بأنها أرتبطت به لانها كانت الفرصة الاخيرة لترتبط برجل
كان ينهرها طوال الوقت ويدعي أن عصبيتها هي السبب في ذلك...
لايزال ينظر إليها وهي تتزين ولكنها بدت فاقدة الحماس لهذا الطقس الجميل ثم قال لها وهي ترسم شفتيها الرقيقة بأحمر الشفاه
لماذا تتزينين؟ ولمن؟ التي في مثل سنك تستعد للموت وتحفر قبرها بيديها وتنتظر الموت وغلق فوهة القبر عليها...
عندما سمعت نهلة مقولته ذهلت ولم تصدق هذه الأمنية وتخيلت الحدث ومأساة الموت مبكرا وترك ابنتها للضياع وعائلتها التي تحبها وخاصة والديها وأخيها الذي تتوق لحضور زفافه وتصلي كل ليلة بأن يرزقه بزوجة تحبه وتتقي الله فيه... كانت تنظر للفساتين السواريه في الفاترينات وتتمني أن تشتري فستانا لتحضر به زفاف أخيها وأيضا ستشتري فستانا آخر لابنتها لتحضر معها الفرح.
لماذا تفوه بهذه المقولة الكئيبة؟! إذن هو لا يحبها؟ يا له من كاذب ومنافق! كيف يعيش معها ويعاشرها ثم يتمني موتها! هي التي أعطته كل وقتها واهتمامها وتركت حياتها وراءها لتجعل منه إنسانا ناجحا! ولكنه الآن يتمني موتها تعلم أن لديها أخطاءها أيضا فهي عصبية وغيورة, ولكن هذه الخطايا لها أسبابها, وهو الذي جعلها عصبية بإهماله لها واعتنائه بأهله ووالدته وبنات أخواته وبنات خالته فهو يكون في قمة السعادة بينهن...
لماذا قال ذلك؟ هي ضعيفة البنية فعلا وتعاني اضطرابات في الضغط والقلب أحيانا وتستخدم منظما لضربات القلب ولكنها استطاعت أن تعيش وتنجب طفلة وتعتني بها خير عناية نعم ولدت ضعيفة وذات صدر حساس ولكنها تواليها اهتماما شديدا لو ماتت هي كما يتمني ودعا عليها من سيهتم بالطفلة؟! هو؟ لا طبعا... فهو مشغول طوال الوقت مع أصدقائه وكتابته الفلسفية التي لا يهتم بها أحد... نعم ساعدته أحداث يناير أن يخرج للجماهير ولكن من يهتم بالفلسفة والشعب يبحث عن الخبز والوظيفة...
قضت نهلة حياتها معه ولكنها باتت منكسرة وشاحبة توقفت الدورة ولم يلاحظ وبدا زغب خفيف ينمو فوق شفتها العليا... تردد أن يطلب منها أن تنزعه وطلب الصيدلية أكثر من مرة وتردد في أن يسألهم عن كريم مناسب لإزالة الشعر أو حتي حلاوة عسل, كما كانت تفعل والدته, وخاصة عندما كان يغيب والده في السفر, وكان يتعجب لماذا كانت تفعل ذلك خاصة في وجود صديقتها الوحيدة التي كانت تنفرد بها ساعات طويلة في حجرتها ولم يستطع أن يعرف ما وراء هذه الحجرة... فقط رآها مرة من ثقب الباب هذه المرأة الغريبة تضغط بقوة علي بطن أمه, وهي تتأوه ثم فصد دم وبقع أغرقت الفراش وكادت والدته تموت من الإعياء..
كبرت ابنتهما وحتي لحظة الزفاف رفضت أن تتزين زوجته, وقالت الزينة في القلب... ولكنها صممت أن ترسل ابنتها لأهم مصفف شعر في الزمالك ومركز للعناية بالبشرة والحمام المغربي حتي تبدو كأميرة هاربة من قصور الملوك كانت نهلة فرحة, وهي تري ابنتها سعيدة ومبتهجة بزوجها وسط المدعوين والحضور وكلما نظر إليها زوجها ماجد تنقبض وتتجهم حتي إن ابنتها نبهتها لذلك.
لم تمكث طويلا بعد زفاف ابنتها وفاجأتها متاعب القلب التي كانت تتحملها وتتحايل عليها ورحلت بهدوء في سريرها كانا قد انفصلا في فراشهما لسنوات كثيرة, وكان يزورها أو تزوره كلما فاض بهما الحنين أو حتي بالتهديد بفضح سرها بأنها لا تقوم بواجبها الشرعي نحوه, لم ترتد الحجاب إلا أنها متدينة بحق ورضا الرب مهم في حياتها, وكان يفتخر بأنها لم تزهده يوما ما وكان عندما يتحدث بجراءة عن هذه العلاقة الخاصة, وكانت تغضب وتقول له حتي هذا الشيء الجميل والباقي تريد أن تفسده عندما وجدها هكذا بلا حراك لم يدر ماذا يفعل.. انتابه ذهول ثم ذعر وأحاطته حالة من الهيستريا ثم بدأ يصرخ, ويطلب منها أن تستيقظ ولكنها كانت بعيدة تماما وباردة وبيضاء كالنهار وكالشمع.
وهن يغسلنها طلب منهن الانصراف كن يرتدين السواد, ويبدو عليهن الحزن... تعجبن من فعله, وخاصة أنه كان يحمل معه حقيبة تزين ولكنهن احترمن رغبته في أن ينفرد بها ويودعها الوداع الأخير.
فتح الحقيبة وبدأ بكريم الأساس فرده علي وجهها بعناية مختارة درجة تناسب لون بشرتها الرقيقة ثم أمسك بالكحل وحدد جفونها وصنع شريطين طوليين علي طرفهما ثم استخدم البودرة وبضربات رقيقة بالفرشاة لون خديها كانت مستسلمة تماما, وبدت له كأنها مبتسمة ثم أمسك بقلم الشفاه واقترب من شفتيها ليحددهما باللون الذي كانت تقضله كثيرا.. اللون الوردي الفاتح الذي كانت تضعه عندما تفوه مقولته المشئومة بانتظارها القبر... فجأة بحركة لا يدري من أي قوة أتتها أدارت وجهها الناحية الأخري وكأنها ترفض فعله فسقط قلم الشفاه علي الأرض محدثا دويا علي الأرضية التي يملؤها ماء الغسل الطاهر...
بدت سيدة جميلة ولكنها متقدمة في السن رغم أنها وصلت الأربعين للتو.. من ملامحها بدت مرهقة وغير سعيدة أما هو فقد كانت تملؤه الحيوية والشباب. وهو يتفحص فعلها وطقوسها استشاط غيظا, ولم يستطع أن يسكت فسألها بانفعال نهلة.. هل ستظلين هكذا لاتفعلين شيئا غير التزين؟ فنظرت إليه وحبست ابتسامة هاربة.. عملت بنصيحة والدتها بألا تنسي أنها أنثي وأنها يجب أن تهتم بشكلها حتي لايهملها زوجها ويذهب إلي امرأة أخري فالرجال ليس لهم أمان. فهو يتشاجر معها علي أتفه الأسباب ويراها قبيحة وخاصة عندما ترد غضبه وتدافع عن نفسها ويعيرها متهكما إيش تعمل الماشطة في الوجه العكر كانت تستغرب مقولاته وتتساءل كيف يتفوه بهذه الألفاظ وهو الشخص المثقف الذي درس الفلسفة ويترجم أمهات الكتب في الفكر التنويري ولكنها كانت تصبر لأنها بالفعل تحبه وعندما حذرها الأطباء من الانفصال نظرا لخطورته علي نفسية وأعصاب ابنتهما التي تعاني الصرع الليلي والاضطراب السلوكي رضيت أن تستمر رغم عنفه وسوء معاملته لها.
هو لم يحبها مطلقا هو أراد أن يتزوج لأنه حان وقت الزواج ولم يعد هناك وقت يضيعه وخاصة بعدما تركته خطيبته لسبب غير واضح فقد اعترف لها ذات مرة إنه شعر بالملل والضجر من الارتباط بهذه المرأة التي لاتعشق غير التقبيل.
ماجد يكبر نهلة بسنوات قليلة ويعيرها مع ذلك بأنه أنقذها من العنوسة وفي لحظات أخري بأنها أرتبطت به لانها كانت الفرصة الاخيرة لترتبط برجل
كان ينهرها طوال الوقت ويدعي أن عصبيتها هي السبب في ذلك...
لايزال ينظر إليها وهي تتزين ولكنها بدت فاقدة الحماس لهذا الطقس الجميل ثم قال لها وهي ترسم شفتيها الرقيقة بأحمر الشفاه
لماذا تتزينين؟ ولمن؟ التي في مثل سنك تستعد للموت وتحفر قبرها بيديها وتنتظر الموت وغلق فوهة القبر عليها...
عندما سمعت نهلة مقولته ذهلت ولم تصدق هذه الأمنية وتخيلت الحدث ومأساة الموت مبكرا وترك ابنتها للضياع وعائلتها التي تحبها وخاصة والديها وأخيها الذي تتوق لحضور زفافه وتصلي كل ليلة بأن يرزقه بزوجة تحبه وتتقي الله فيه... كانت تنظر للفساتين السواريه في الفاترينات وتتمني أن تشتري فستانا لتحضر به زفاف أخيها وأيضا ستشتري فستانا آخر لابنتها لتحضر معها الفرح.
لماذا تفوه بهذه المقولة الكئيبة؟! إذن هو لا يحبها؟ يا له من كاذب ومنافق! كيف يعيش معها ويعاشرها ثم يتمني موتها! هي التي أعطته كل وقتها واهتمامها وتركت حياتها وراءها لتجعل منه إنسانا ناجحا! ولكنه الآن يتمني موتها تعلم أن لديها أخطاءها أيضا فهي عصبية وغيورة, ولكن هذه الخطايا لها أسبابها, وهو الذي جعلها عصبية بإهماله لها واعتنائه بأهله ووالدته وبنات أخواته وبنات خالته فهو يكون في قمة السعادة بينهن...
لماذا قال ذلك؟ هي ضعيفة البنية فعلا وتعاني اضطرابات في الضغط والقلب أحيانا وتستخدم منظما لضربات القلب ولكنها استطاعت أن تعيش وتنجب طفلة وتعتني بها خير عناية نعم ولدت ضعيفة وذات صدر حساس ولكنها تواليها اهتماما شديدا لو ماتت هي كما يتمني ودعا عليها من سيهتم بالطفلة؟! هو؟ لا طبعا... فهو مشغول طوال الوقت مع أصدقائه وكتابته الفلسفية التي لا يهتم بها أحد... نعم ساعدته أحداث يناير أن يخرج للجماهير ولكن من يهتم بالفلسفة والشعب يبحث عن الخبز والوظيفة...
قضت نهلة حياتها معه ولكنها باتت منكسرة وشاحبة توقفت الدورة ولم يلاحظ وبدا زغب خفيف ينمو فوق شفتها العليا... تردد أن يطلب منها أن تنزعه وطلب الصيدلية أكثر من مرة وتردد في أن يسألهم عن كريم مناسب لإزالة الشعر أو حتي حلاوة عسل, كما كانت تفعل والدته, وخاصة عندما كان يغيب والده في السفر, وكان يتعجب لماذا كانت تفعل ذلك خاصة في وجود صديقتها الوحيدة التي كانت تنفرد بها ساعات طويلة في حجرتها ولم يستطع أن يعرف ما وراء هذه الحجرة... فقط رآها مرة من ثقب الباب هذه المرأة الغريبة تضغط بقوة علي بطن أمه, وهي تتأوه ثم فصد دم وبقع أغرقت الفراش وكادت والدته تموت من الإعياء..
كبرت ابنتهما وحتي لحظة الزفاف رفضت أن تتزين زوجته, وقالت الزينة في القلب... ولكنها صممت أن ترسل ابنتها لأهم مصفف شعر في الزمالك ومركز للعناية بالبشرة والحمام المغربي حتي تبدو كأميرة هاربة من قصور الملوك كانت نهلة فرحة, وهي تري ابنتها سعيدة ومبتهجة بزوجها وسط المدعوين والحضور وكلما نظر إليها زوجها ماجد تنقبض وتتجهم حتي إن ابنتها نبهتها لذلك.
لم تمكث طويلا بعد زفاف ابنتها وفاجأتها متاعب القلب التي كانت تتحملها وتتحايل عليها ورحلت بهدوء في سريرها كانا قد انفصلا في فراشهما لسنوات كثيرة, وكان يزورها أو تزوره كلما فاض بهما الحنين أو حتي بالتهديد بفضح سرها بأنها لا تقوم بواجبها الشرعي نحوه, لم ترتد الحجاب إلا أنها متدينة بحق ورضا الرب مهم في حياتها, وكان يفتخر بأنها لم تزهده يوما ما وكان عندما يتحدث بجراءة عن هذه العلاقة الخاصة, وكانت تغضب وتقول له حتي هذا الشيء الجميل والباقي تريد أن تفسده عندما وجدها هكذا بلا حراك لم يدر ماذا يفعل.. انتابه ذهول ثم ذعر وأحاطته حالة من الهيستريا ثم بدأ يصرخ, ويطلب منها أن تستيقظ ولكنها كانت بعيدة تماما وباردة وبيضاء كالنهار وكالشمع.
وهن يغسلنها طلب منهن الانصراف كن يرتدين السواد, ويبدو عليهن الحزن... تعجبن من فعله, وخاصة أنه كان يحمل معه حقيبة تزين ولكنهن احترمن رغبته في أن ينفرد بها ويودعها الوداع الأخير.
فتح الحقيبة وبدأ بكريم الأساس فرده علي وجهها بعناية مختارة درجة تناسب لون بشرتها الرقيقة ثم أمسك بالكحل وحدد جفونها وصنع شريطين طوليين علي طرفهما ثم استخدم البودرة وبضربات رقيقة بالفرشاة لون خديها كانت مستسلمة تماما, وبدت له كأنها مبتسمة ثم أمسك بقلم الشفاه واقترب من شفتيها ليحددهما باللون الذي كانت تقضله كثيرا.. اللون الوردي الفاتح الذي كانت تضعه عندما تفوه مقولته المشئومة بانتظارها القبر... فجأة بحركة لا يدري من أي قوة أتتها أدارت وجهها الناحية الأخري وكأنها ترفض فعله فسقط قلم الشفاه علي الأرض محدثا دويا علي الأرضية التي يملؤها ماء الغسل الطاهر...